للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخطبها. فنهاه قصير فلم يسمع له. ومالت نفسه إلى ما دعته إليه فمضى إليها. قالوا، فلما راته «تكشف، فإذا هي مضفورة الإسب» يعنون شعر عانتها «فقالت يا جذيمة أدأب عروس ترى»؟ فذهبت مثلاً. فقال جذيمة: «بلغ المدى، وجف الثرى، أمر غدرٍ أرى» فذهبت مثلاً. ودعت بالسيف والنطع. ثم قالت: «أن دماء الملوك شفاء من الكلب». فأمرت بطست من ذهب قد أعدته له وسقته الخمر حتى سكر وأخذت الخمر منه مأخذها، فأمرت براهشية فقطعا. وقدمت إليه الطست. «وقد قيل لها أن قطر من دمه شيء طلب بدمه» (١).

ثم إن قصيرًا صاحب جذيمة سعى في ثأره وجد. وكان من أوائل سعيه أن ألف بين عمرو بن عدي، ابن أخت الملك المقتول، وبين سيد من سادات قومه كان مخاصمًا له هو عمرو بن عبد الجن اللخمي. ثم إن قصيرًا جدع أنفه وصار إلى الزباء يزعم لها أنه قد فارق قومه لما صنعوا به، وإنما كان يريد أن يطلع على سرها ليقوي بذلك تدبير صاحبيه إذ قد أجمعوا ثلاثته على غزو الزباء في عقر دارها.

قالوا وكانت الزباء سألت كاهنة تستطلعها الغيب فعلمت أن سيكون عمرو ابن عدي سبب مصرعها، وأنه لن يقتلها بيده، ولكن ستقتل هي نفسها بيدها هي، ويكون سبب ذلك من قبل عمرو.

فعمدت الزباء، لما سمعت هذا إلى نفق فاحتفرته لتتخذه مهربًا ولم يخف أمر هذا النفق عن قصير لثقتها فيه. ثم أنها جهزت مصورًا من أجود أهل بلاده تصويرًا فأرسلته إلى عمرو ليثبت صورته لها، كي تحذره، ففعل.

ثم إن قصيرًا لما استوثق من أمره جاء بصاحبه عمرو وجيشه على إبل يزعم


(١) ما بين الأقواس من الميداني مصر ١٣٥٢ - ٢٤٤ في المسعودي (٢١) - «فجعل دمه يشخب في النطع كراهية أن يفسد مقعدها» وهذا غير خبر الميداني وفيه معنى الكتابة الحسية التي سنذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>