للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معًا مُزجت قصتهما في شخصه مزجًا، ولعل قصة قيصر نفسها لم تخل من لون خرافي فقد تعلم أنه كان ينتسب إلى الملوك طورًا وإلى الآلهة أنفسهم طورًا آخر (١).

وفي القصة أيضًا نفس من خبر كليوبترة إذ مصرع الزباء كمصرعها واجعل عمرو بن عدي كما قدمنا كأكتفيان.

ثم ذكر المصور ههنا لا ينبغي أن يغفل عنه، لأن هذا خبر أخبرته العرب في معراض أمثالها أو من رووه عنهم. وهو يقوي ما كنا ذهبنا إليه من أمر إعجاب العرب بما كان عند الروم من حذق في التصاوير والتماثيل.

ورواية خبر البواب بالرومية إشعار بأصل القصة كما ترى. وخبر الثأر ستر عربي طبع القصة بطابع عربي وكذلك إراقة الدم في الطست وتمثل الزباء متهكمة أن دم الملوك يشفي من الكلب- ثم في هذا رمزية سنعرض لها إن شاء الله. وخبر استشارة الكاهنة في استطلاع الغيب يوناني عربي معًا. ثم أمر الأسب المضفور.

ههنا فيما نزعم كناية جنسية. وقد بالغت بعض الروايات في أمر هذا الأسب حتى نسب بعضها إليه قوة خارقة. وقد عاد إليه الميداني بعد أن أتم القصة كلها قال: «وفي بعض الروايات مكانقولها أدأب عروس ترى؟ أشوار عروس ترى؟ فقال جذيمة: أرى دأب فاجرة غدور بظراء تفلة. قالت: لا من عدم مواسٍ، ولا من قلة أواسٍ ولكن شيمةٌ من أناسٍ. فذهبت مثلاً» وفي عوده كما ترى شاهد اهتمام. وقريب من عوده عاد المسعودي في سياقه أيضًا (٢). والكناية الجنسية فيها نفس من خرافتين إغريقيتين: خرافة نارسيسوس الذي أحب نفسه، وخرافة بيجماليون الذي صنع تمثالاً بيده ثم أحبه، وكلاهما تكنيان على وجهين مختلفين عن الامتناع


(١) راجع ترجمة قيصر في تاريخ كمبروج القديم.
(٢) راجع المسعودي ٢٠/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>