ثم هو يصف عنيزة بأن قد كانت حبلى، وذلك بين في قوله:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعٍ ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
أي طرقت حبلى مثلك وطرقت أيضًا مرضعًا كما ستكونين إلى آخر ما مر فيه مما عيب عليه كما قدمنا.
ثم أخذ في ذكر يوم الكثيب وانتقل انتقاله القصصي الحواري الذي تعلم. ثم افتخر ببيضة الخدر المكنونة ذات الأحراس التي تجاوز إليها الصعاب على نحو ما سنرى إن شاء الله في نموذج الضامرة حين نصير إليه. وهي الخمصانة وهذا موضع استشهادنا. قال بعد أن جعلها بيضة خدر لا ترام.
فجئت وقد نضت لنومٍ ثيابها ... لدى الستر إلا لبسة المتفضل
ونريد لو نقف شيئًا عند بيضة الخدر ومعنى الظليم المتصل بها، ولكن نرجئ هذا الآن. وبدأ امرؤ القيس ينعتها كما ترى شبه عارية إلا مما تقتضيه أيسر تقية الحشمة، لبسة المتفضل. والصورة مستريحة، وادعة مستلقية أو متكئة. فحركها أسرع حركة وأنشطها- وذلك قوله:
فقالت يمين الله مالك حيلةٌ ... وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
ولم يقل فقامت أو فتناولت ثوبًا فاستترت به عجلةً، لأن هذا مفهوم ضمنًا، حكاية حديثها تدل عليه، وفي التصريح به إفساد للسياق. وقال تعالى في سورة النمل {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} ثم لم يقل جل شأنه ثم دعا بما آتاه الله من علم ولكن قال عز وجل {فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} وهذا أفعل أثرًا وأبلغ وأدل على بيان سرعة ما كان.