هذا وفي إسراعه بإيحاء الحركة في قولها الذي قالته، ضرب من النفي لمعنى البدانة التي قد يقترحه قوله «نضت ثيابها» - وهذا النفي ملائم لما سيأخذ به من نعتها بالخمص.
وألبسها بعد الذي كان من الإلماع بتجريدها، وخرج بها تمشي، وهذا يلائم في معنى نشاطه معنى الخمصانة، ويقابل الصور التي مرت من قيام ينوء، وشحم كهداب الدمقس المقتل، وحبلى يميل بها الغبيط. وقد حذف ذكر اكتسائها كحذفه ذكر حركتها واكتفى في الدلالة عليه بذكر الخروج كما كان اكتفى من قبل بذكر القول الذي قالته:
خرجت بها أمشي تجر وراءنا ... على أثرينا ذيل مرطٍ مرحل
وجر الذيل لتعفية الآثار لا للبخترية، ففيه كما ترى نشاط وجهد، وقوله «وراءنا» وقله «مرحل» يدل على ذلك. أي أنها كانت تجر ذيلها وترحله ليمحو آثارها هي وآثاره هو. والمرحل أيضًا المنقوش وأراد امرؤ القيس الترحيل بمعنيه معًا، وقوله «خرجت بها» يشعر بالسرعة، ويؤكد هذا قوله بعد:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... بنا بطن خبتٍ ذي حقافٍ عقنقل
ويروى «ذي قفاف» القفاف جمع قف بضم القاف وهو ما غلظ من الأرض والحقاف جمع حقفٍ بكسر الحاء وهو الكثيب المحقوفف أي المحدودب المتماسك.
وظاهر المعنى والسياق أشبه به القفاف، لأن الموصوفة ذات متانة وأسر وقد ذكر الحقف في نعت اللينة الناعمة البادنة في اللامية الأخرى إذ قال «كحقف النقا البيت» ولكن التأمل يريك أن الحقاف أجود. وعسى أن يكون امرؤ القيس قال «قفاف» أولاً ثم عدل عنها إلى الحقاف. ذلك بأن كثرة الحقاف في الكثيب المتعقد وهو العقنقل أدل في باب الكناية على ما يريد به نعت هذه المرأة ذات القامة الممشوقة يكسوها