الالتفات ههنا لا تخفى. وليست الريح التي تتضوع هنا ريح المسك إذ قد جاءها وقد نضت لنوم ثيابها، وإنما هي أنفاسها الطيبة النكهة.
وليس هذا البيت فيما يترجح عندنا بنص رواية مختلفة للبيت الذي تقدم:
إذا قامتا تضوع المسك منهما ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
وإنما هما بيتان، جاء أولهما في نعت الناعمتين ذواتي المسك المثقل، يفوح منهما ساعة تنؤان بالقيام. أما هذا ففي وصف هذه الممشوقة النشطة إذ تلتف. وكلتا الصورتين بعد:
نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
وما في تكرار هذا التشبيه على مذهب الغناء والترنم والالتفات المسرحي ما لا يخفى من الطرب والشعف.
هذا، وفي الفودين، اللذين هصرا، والتمايل، والكشح الهضيم، (وتلك الغاية في نحول الخصر مع التماس) - والمخلخل الريان، تخطيط النموذج الخمصان كاملاً. والثوب المسبغ عليه ذو الذيل المنجر تزيين وتبيين ونميمة بتمثال هذا النموذج كما ترى. والتمايل نص في التنبيه على حركة الجسد بالثوب. والالتفات والأريج شاهد الحيوية. ثم أخذ في التفصيل، وإنما يفصل هذه الصورة التي أجملها، لا يتجاوز ما كساه الثوب فشف به، وما أبداه الالتفات وحركة تعفية الآثار. وقد أحسبك من حاق مجرد الجسد بالنظرة الخاطفة التي كان نظرها إذ فاجأها وقد نضت لنوم ثيابها. ولقد تنتظر بعد الذي زعمه وفعله من مجاوزة الأحراس والخروج إلى بطن الخبت ذي الحقاف، أن يصير بك إلى نعت من قريّ قوله في المبدأ «فمثلك حبلى» إلى آخر ما قاله ثم. ولكنه أحذق وأدق من أن يفعل ذلك. إذ هذه الخمصانة، على خلاف حال أولئك البادنات، منظر لا فراش، وقد أنهضها من الفراش وخرج بها يتمشى كما