للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت لينظر لا يجاوز وراء ذلك أحراسًا.

مهفهفةٌ بيضاء غير مفاضةٍ ... ترائيها مصقولةٌ كالسجنجل

وبيضاء كناية عن النعمة والشرف لا نص على اللون نفسه كما سترى. وغير مفاضة صفة الاعتدال وليست هي الدليل على الضمور إذ الدال على الضمور قوله مهفهفة. فهي مهفهفة غير مفاضة، وقد تكون أخرى بادئة لطيفة مكان الخصر غير مفاضة، وهذا لا يجعلها مهفهفة وسترى أن هذا فرق دقيق بين فتاة المعلقة وفتاة اللامية «ألا نعم صباحًا» والمفاضة ذات البطن والحبلى التي ذكرها أول الكلام مفاضة ضربة لازم في حال حبلها. وصقل الترائب تابع لصفة الضمر، فيه دليل رقة البشرة وريها بمقدار ما يخفى جساوة العظام ليس إلا. والتشبيه ينص على هذا، إذ سطح السجتجل ناعم صلب براق.

كبكر المقاناة البياض بصفرةٍ ... غداها نمير الماء غير المحلل

أي هي كبيضة النعام المكنونة التي خالطت بياضها صفرة، أما من الكن وأما من أن ضوء الأصيل سطع عليها، وهذا أشبه، لأن الظليم (كما سترى إن شاء الله في باب الخروج) يقصد بيضه ليحضنه أصيلاً يبادر إليه غروب الشمس. ولا أشك أن الشعراء حين يشبهون المرأة بالبيضة يضمنون ذلك تشبيه أنفسهم بالظليم الذي هو الحاضن. قال سحيم عبد بني الحسحاس:

وما بيضةٌ بات الظليم يحفها ... ويرفع عنها جؤجؤًا متجافيًا (١)

ويجعلها بين الجناح ودفه ... ويفرشها وحفًا من الزف وافيًا (٢)

بأحسن منها يوم قالت أراحل ... مع الركب أم ثاو لدينا لياليا


(١) جؤ جؤ الظليم صدره وتجافيه ارتفاعه. جؤجؤًا متجافيًا: صدرًا مرتفعًا.
(٢) وحفا من الزف أي زفا وحفا بكسر الزاي والزف الريش اللين الناعم والوحف الأدكن اللون.

<<  <  ج: ص:  >  >>