للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان سحيم عبدًا، وكانت العرب مما تشبه الظليم بالعبد، قال عنترة:

كالعبد ذو الفرو الطويل الأصلم (١)

وقال ذو الرمة:

كأنه حبشيٌّ يقتفي أثرًا ... أو من معاشر في آذانها الخرب (٢)

فهذا قوي الدلالة في أن سحيما حين قال الظليم أراد به معنى مزدوجًا، معنى التشبيه النموذجي ومعنى الكناية عن نفسه. ونأمل أن نعرض لقصيدة سحيم في باب مداخل الغزل.

هذا، والمقاناة اسم مفعول من قاني يقاني إذا خالط أي المخالطة البياض بصفرة، الممزوجة البياض بصفرة. والصفرة مما كانت تحبه العرب من الألوان إذ هي منبئة بالعتق والتقاء والشرف. قال تعالى: {إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} و «الناظرين» ههنا عمومٌ والعرب أدخل من يدخل فيه إذ الخطاب إليهم في معرض القصة (٣).

وقوله بكر دليل على الشباب ومتانة الأسر.

وقوله «غذاها نمير الماء غير المحلل» تأكيد لمعنى بكر ثم فيه زيادة معنى المنعة إذ هي شريفة من أشراف يردون الماء الصافي ويمنعون غيرهم أن يرده:

ونشرب إن وردنا الماء صفوًا ... ويشرب غيرنا كدرًا وطينا

ثم ههنا تمهيد لتشبيه البردية الذي سيأتي وإيماء إلى ما ذكره من أنها ريا


(١) مطلعه: صعل يعود بذي العشيرة بيضه- والصعل الصغير الرأس من صفة الظليم.
(٢) شبهه بالسود الذين في آذانهم خرب بضم الخاء وفتح الراء أي ثقوب واحدتها خربه يضم الخاء وسكون الراء.
(٣) راجع الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>