للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلخل وإنما يكون الري من الماء. وقد فطن الشراح هذا من مراده فزعموا أنه أراد ماء جسدها (١) فيما أراد.

ثم رجع إلى صفة صورة الالتفات، وهذا مما يقوي ما زعمناه في معرض الحديث عن روايتي الزوزني وجامع الدواوين الستة عند قولهما «إذا قامتا» «إذا التفتت نحوي» البيتين:

تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتقي ... بناظرةٍ من وحش وجرة مطفل

وقد فصل هنا حركة الوجه وحيويته ومكان العين وكلامها وسحرها وقد سبق منا الحديث عن هذا البيت. وننبه ههنا على قوله «مطفل» بعد أن قال «بكر» إذ المطفل تحذر وتدافع عن طفلها وهذا هو المعنى الذي أراده في صفة النظرة.

وجيدٍ كجيد الرئم ليس بفاحشٍ ... إذا هي نصته ولا بمعطل

وهنا ما ترى من حرص على إتقان النسبة في أجزاء التمثال الذي لم يرك منه إلا نميمة النوب عنه ثم تضوع الوجه وجلاءه. والحركة في «نصته» وملاءمتها لقوله «تصد وتبدي» وقوله «إذا التفتت نحوي» كل ذلك لا يخفى. وقوله «ولا بمعطل» نظرة شاملة كاشفة كنظرته حين قال «هصرت بفودي رأسها فتمايلت» وقد تركك لتتأمل هذا الجيد الذي نصته وليس بمعطل.

وفرعٍ يزين المتن أسود فاحمٍ ... أثيتٍ كقنو النخلة المتعثكل

والنخلة هي- دلك على ذلك قوله «فتمايلت» آنفًا. والقنو أول ما يخرج من العراجين وجعله متعثكلاً لأن عليه أوائل البلح الخض الصغار المستديرات. وهذا مع الأغصان يعطيك صورة شعرها ذي الضفائر المتجعدة مع صورة شبابها وهي بكر كاعب الريعان.


(١) شرح الزوزني للمعلقات، مصر، المطبعة التجارية، ١٩٥٨ - ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>