أم داخل أمانيه وتجاربه من فتاة المعلقة في هذا النعت وهو لأخرى لعلها كما قدمنا أم جندب أو مخالطٌ لنعتها نعت أم جندب؟ وقوله «تميل عليه هونةً» فيه صدى من قوله في المعلقة: «هصرت بفودي رأسها فتمايلت» وقوله: «غير مجبال» يوقف عنده. فهو إما تأكيد لمعنى «هونةً» وإما نفي للغلظة والخشونة المعنوية والحسية أيًا كانت، وإما هذان المعنيان معًا. ثم هو لا يخلو من تعريض. وأحسبه عرض بأم جندب، كأنه ينفي قوله فيها، من البائية:
ولا ذاتُ خلقٍ إن تأملت جانب
فغير المجبال غير جانب أيضًا.
وهذا التعريض، يجوز أن تحمله على معنى الفكاهة التي في قوله:«لعوب تنسيني إذا قمت سربالي» -أي أنت حقًا غير مجبال، وإن بدا منك ذاك الآن. ولكنك هونةٌ كحقف النقا. أي قوز الرمل الناعم- كما قال في البيت التالي:
كحقف النقا يمشي الوليدان فوقه ... بما احتسبا من لين مس وتسهال
وظاهر هذا البيت وصف شديد التأمل للجسد المتجرد، ولاسيما الردف، إذ هو أكثر ما يشبهونه بالحقف والدعص والكثيب، مع تفصيل يوشك أن يكون فاضحًا، بهذا الذي يذكره من مشي الوليدين، ويوشك أن يقترح الشهوة.
وفي البيت بعد معانٍ أُخر. ذلك بأن مشية الوليدين فيها غفلة، شاهد ذلك قوله:«بما احتسبا من لين مس وتسهال». ولا ريب أن ههنا إيحاء بتجربة أحسها امرؤ القيس من مشاهدة طفل واحد، أو أطفال. وأستبعد أن يكون رأى طفلين. وإنما جعلهما طفلين ليعطيك -مع تأمل الوصف الذي قدمنا عنه- معنى من روح المباراة التي تكون بينهما، إذ هما يستنان مصعدين، ملتذين بلين الحقف الناعم المتماسك تحت أقدامهما الصغيرة، منهمكين في هذا الالتذاذ غافلين به عن أنفسهما، مع تباريهما، غفلة تتجاوز