للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارت حسناؤه هي الوليدين، على معنى الغفلة، فتأمل:

لطيفةُ طي الكشح غير مفاضة ... إذا انفتلت مرتجةً غير متفال

وصدر البيت إثبات لنعومتها، ولطف ملتقى كشحها وخصرها وحقفها. والعجز توضيح لمعنى روح الطفولة الغافلة فيها بانفتالها هذا، وهي حركة التفاتٍ لا تكلف فيها، مع دقة مهارة، وارتجاجها وهذا هي غافلةٌ عنه، وأنها غير متفال، وهذه صفة طفل، إذ فم الطفل حلو. ثم في هذا النعت كالنظر إلى قوله في المعلقة:

إذا التفتت نحوي تضوع ريحها ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

ولكن فتاة المعلقة ذات أحراس، شديدة أسرٍ، فلذلك تلتف، ولا تنفتل مرتجة. ثم في قوله: «إذا انفتلت مرتجةٌ» حيلة فنية، لإحياء التناسب من طريق الحركة، بين الردف والخصر في البادنة غير المفاضة. وقد انتفع الشعراء بهذه الحيلة أو ما هو قريها كما سترى إن شاء الله.

إذا ما استحمت كان فيض حميمها ... على متنتيها كالجمان لدى الحال

لم يرو هذا البيت صاحب الدواوين الستة وهو في الخزانة، حيث ذكر القصيدة (١ - ٧٣). قال: «استحمت، اغتسلت بالحميم، وهو الماء الحار. ومتنتا الظهر، مكتنفًا الصلب عن يمين وشمال من عصب ولحم. والمفرد متن ومتنة. والجمان بالضم، الللؤلؤ. والحال، وسط الظهر. ومن الفرس موضع اللبد. أراد أن الماء الذي ينفصل من ظهرها عند الاغتسال يشبه اللؤلؤ المتناثر». ويجوز أن تكون الرواية «لدى الجالي» بالجيم المعجم، ويقويها أن في ذكر المتنتين ما يدل على «الحال» وهو وسط الظهر. والتأمل أدق في رواية من روى بالحاء المهملة، كأن فيض الحميم- على ما سترى من تأويله- ينحدر عن المتنتين، ويستدير عند الفقار حبًّا صغارًا كاللؤلؤ أو الجمان. ويقوي رواية الحاء المهملة من بعد «حالاً على حال».

<<  <  ج: ص:  >  >>