يحتقره، خالفه إلى حليلته، وبين قوم آخرين كان يكرههم ويزدريهم كأشد ما تكون الكراهية والازدراء. ولا يخلو في هذا من أن كان يفزع منهم أيضًا. تأمل قوله في أخريات هذه القصيدة، يصف العقاب:
تخطف خزان الأنيعم بالضحا ... وقد جُحرت منها تعالب أورال
والخزان بكسر الخاء وتشديد الزاي الأرانب. جمع خزز بضم ففتح أي أرنب وأورال موضع في ديار بني أسد، ذكره عبيد بن الأبرص، كما مر بك. والأنيعم كأنه في ديار بني أسد، وهو كثير في أسماء المواضع. وروي صاحب الدواوين الستة أن مكانه «الشربة» وهي في ديار غطفان، وقد كانوا لبني أسد حلفاء.
وصفة امرئ القيس للعقاب لا تخلو من كناية عن نفسه وعن بني أسد الذين قتلوا أباه غدرًا ثم انجحروا كما تنجحر الثعالب، وكان يود لو أنه ظفر بهم ليتخطفهم كما تُتخطف الأرانب، أو كما قال:
وأفلتهن علباءٌ جريضًا ... ولو أدركنه صفر الوطاب
وقد كان حجر أبو امرئ القيس طاغية جبارًا. زعموا أنه قتل من بني أسد جماعة بالعصا، فسموا لذلك عبيد العصا. وقد ذكر هذا المعنى عبيد بن الأبرص في كلمته الميمية يمدحه بها حيث قال:
أنت المليك عليهم ... وهم العبيد إلى القيامة
وكان حجر قد قيد عبيدًا ليقتله فلما سمع هذا منه عفا عنه وأطلقه، فما كان من عبيد بعد أن أطلق إلا أن كفر يده، وكان من أكبر المؤلبين عليه، والمعادين لابنه من بعده، والساعين في تخريب ملكه وإحباط مساعيه.
وغير بعيد أن يكون مما أحفظ بني أسد على حجر أنه انتهك من أعراضهم. والذي كان عليه من الجبرية مما قد يكون معه انتاك الأعراض. ولعل أطراف حجر