من بنيه وبني عمومته وعصبيته كانوا يفعلون كمثل فعله- شأن طسم مع أختهم جديس في الدهر الأول. ومما يقوي هذا الحدس ما ذكره الرواة من أن الحرث آكل المرار، أبا حجر، وجد امرئ القيس، قد كان ممن واطئوا كسرى قباذ على مذهب المزدكية والإباحة. وعسى أن يكون هذا خبرًا مفتعلاً افتراه أعداء بني آكل المرار، من المناذرة ومن بني أسد وسائر مضر، لينتقموا به من ذكراهم. ومع هذا فهو لا يخلو من دلالة ما، على بعض ما نحن بصدده.
والذي يذكر من شأن امرئ القيس وامرأة أبيه مما يقوي هذا أيضًا. وفي شعر امرئ القيس شواهد الإباحة كثير. منها في هذه القصيدة، مثلاً قوله:
أيقتلني أني شغفت فؤادها ... كما شغف المهنوءة الرجل الطالي
وهو فظيع في تهالكه. ولا يخلو من معنى حسرة، لعلها بعض ما خلعه من صورة نفسه، على صفة هذا البعل، وهو يكني عن أمر أم جندب. ويقوي هذا المعنى الثاني قوله من بعد:
وقد علمت سلمى وإن كان بعلها ... بأن الفتى يهذي وليس بفعال
للذي يخالطه من روح الفكاهة والتسلي.
ومن شواهد الإباحة أيضًا قوله:
وماذا عليه أن ذكرت أوانسًا ... كغزلان رملٍ في محاريب أقوال
وبعض هذا كأنه التفات إلى أبيه وإلى فزعه من غطيط البكر، أو قل غطيط الغول. ولو قد اكتفى امرؤ القيس بصدر البيت وحده إلى قوله «أوانسا» لكان كلامه بمنزلة التبرؤ الساذج. ولكن عجز البيت ينحو بهذه البراءة وبهذه السذاجة إلى معنى من الإباحة قريب من قوله:
كحقف النقا يمشي الوليدان فوقه ... بما احتسبا من لين مس وتسهال