ومما يقوي هذا المعنى، إنه مهد بتشبيه «كغزلان رملٍ في محاريب أقوال» إلى قوله من بعد:
وبيت عذارى يوم دجنٍ ولجته ... يطفن بجباء المرافق مكسال
ونعود بك الآن إلى ما كان من قوله:
يغط غطيط البكر شد خناقه ... ليقتلني والمرء ليس بقتال
وقوله:
وليس بذي رمحٍ فيعطنني به ... وليس بذي سيفٍ وليس بنبال
ألست ترى ههنا مزيجًا من احتقار امرئ القيس وعدواته وفزعه من عبيد بن الأبرص وعلباء بن الحرث والطماح ولفهم الذين قتلوا أباه وشردوه كل مشرد، وإنما كانوا عبيدًا له ولأبيه، وكأن قوله:«وليس بذي رمح» لم يرد به إلا عبيدًا ومن احتقاره (١) وازدرائه ببعل، لعله كان من بني أسد، كان هو يخالفه إلى سلماه، وكان يغط عن غطيط البكر شد خناقه، ينام أو يتناوم، ولعله أن يكون ائتمر به هو ورهط من قومه ليقتلوه سرًا، فمنعهم من ذلك خوف حجر وسطوته، ومسنونته الزرق. ويقوي هذا الحدس قوله من المعلقة:
تجاوزت أحراسًا إليها ومعشرًا ... عليّ حراصًا لو يُسرون مقتلي
وانس الأحراس، فليس البعل مما يدخل فيها- وقد قدمنا لك من تأويلها، وعسى أن لا تخلو من معنى حجر للذي تعلم من أمر ملكه ورهبة امرئ القيس له. ويُقويه أيضًا قوله ههنا: