النحو الذي كانت عليه بعض تماثيل أفروديت. وكون الثدي كحق من عاج يدل على ضخامته وأنه مقعدٌ ثابت قوي في موضعه غير رهلٍ أو متداعٍ. وقوله «رخصًا» يُنبئ عن طبيعة أنوثته اللينة الناعمة. ثم احترس من أن يظن أنه مسه فعرف لينه، فقال «حصانًا من أكف اللامسينا» يدلك بذلك على أن قوله «رخصًا» نعت على التوهم لا على الاختبار. ثم إذ بالغ في هيئة الذراعين والحقين وهيئة المرأة كلها حيث شبهها بالناقة الطويلة العنق، الطويلة الجسم، ولا يخفى أن في قوله عيطلاً كالدلالة على أن جيدها أيضًا كان متجردًا مثلها لا قلادة عليه (إذ اشتقاق العيطل فيه معنى العطل) بالغ في نعت طول القامة، فشبهها باللدنة التي سمقت وطالت. وجعل متنيها كمتنى هذه اللدنة التي سمقت وطالت. ومراده باللدنة النخلة. والنخل الطوال، إنما يشتد طوله مع تقادم العهد. فقوله اللدنة ههنا احتراس مما يكون مع تقادم العهد من معاني الجساوة والخشونة. وكأن هذه المرأة نخلة شابة طالت فجأة بما فيها من غضارة ولين وتماسك حتى صارت في سموق ما تبلغه العتاق من النخل الجبار. وإذ طال بالمتنين -وهما جانبا الظهر- هذا الطول، جعل الروادف تنوء بما يلينه، من حملها. وفي نوء الروادف تبدينٌ لها، وتنبيهٌ على أنوثتها. ثم إنه أجمل صورة العجز وما تضم المآزر بقوله:
ومأكمةً يضيق الباب عنها
واحتاج هنا إلى الكساء ليوحي بمعنى الحركة. والباب هنا باب الخيمة، ذراعان أو دونهما. والتمثال بعد متجرد في موضعه لم يتحرك. وعلى هذا، فإن التضخيم الذي ضخمه للعجز لا يضيع معه روح الضمر الذي في النموذج الخمصان، لأن الطول كما رأيت نحوٌ من ثلاثين أو أربعين ذراعًا.