عظم الدوحة أو نحوًا من ذلك. ولا يخلو الأعشى ههنا من نظر إلى عمرو بن كلثوم حيث قال:
وساريتي بلنطٍ أو رخام ... يرن خشاش حليهما رنينا
وأحسب الأعشى إنما تعمد المبالغة هنا ليوطئ بذلك إلى السخرية التي سيسخرها بيزيد بني شيبان في أخريات القصيدة حيث قال:
أبلغ يزيد بني شيبان مألكةً ... أبا ثُبيتٍ أما تنفك تاتكل
ألست منتهيًا عن نحت أثلتنا ... ولست ضائرها ما أطت الإبل
كناطحٍ صخرةً يومًا ليوهنها ... فلم يضرها، وأوهى قرنة الوعل
والبادنة التي تتهتك أنسب شيء لأربه من السخرية، كما كانت الطويلة ذات الساريتين من البلنط أو الرخام أنسب شيء لأرب عمرو بن كلثوم في الذي ذهب إليه من تفخيم شأن قبيلته.
وقول الأعشى «غراء فرعاء» يقابل به قوله «هركولة فنق» من بعد من قبيل ما كنا قدمناه من أن البادنة في نموذج التعظيم قد يخالطها من صفات الخمصانة، من أجل ألا يختل التناسب. وقد احتال الأعشى على صفة الخصر فقال:
وقوله «ملء الشعار» دليل امتلاء، والشعار ما يلي الجسد، ثم قوله «صفر الدرع» دليل خلو كأنه عام، والدرع القميص كله الذي يكون فوق الشعار. والأعشى يصف هنا حركة بلا ريب. وهي حركة الدرع. وإنما ذكر الشعار، كأنه يُجردها من هذا الدرع ليوقع حقيقة الحركة عندك. وذلك أنها حين تتأتى يكاد خصرها ينخزل، فيبدو جانب من درعها وكأنه خال.