ومما يشبه هذا في التوسط، إلا أنه آخذ من طريقة القدماء قول الرماح بن ميادة:
فيهن صفراء المعاصم طفلةٌ ... بيضاء مثل غريضة التفاح
أي ما يبدو من معاصمها (ويدل هذا على أن وجهها كذلك أيضًا) أصفر اللون وما أكنته ثيابها أبيض كغريضة التفاح. وأحسبه أراد باطن التفاحة الغريضة، وإن يك أراد ظاهر التفاحة، فليس لون صاحبته إلا الصفرة، كلون التفاحة الذهبية التي شغلت «أتلانتا»، والأخرى التي أرثت بها أفروديت الحرب من أجل هيلين.
إنما النوم عشاءً طفلاً ... سنةٌ تأخذها مثل السكر
أي تنام سجحًا، لا يسمع لها غطيط ولا يتغير طعم فيها ثم هي فارغة البال تتلهى بالنوم.
والضحى تغلبها وقدتها ... خرق الجؤذر في اليوم الخدر
واليوم الخدر بكسر الدال كيوم الغمام. وأحسبه نظر هنا إلى قول زهير «مغزلةٌ من الظباء تراعي شادنًا خرقا». لأن الشادن الخرق هو الجؤذر. وكأن المرار إذ سبق له تشبيهها بالخذول المخرف، وهي أم الشادن، أراد أن يجمع إليها مع ذلك صفة ابنها التي ذكر زهير، ليكون هذا أبلغ في الدلالة على غنج أنوثتها، ومرض جفونها.
وهي لو يُعصر من أردانها ... عبق المسك لكادت تنعصر
وهذا أيضًا مما يشهد بأنها كانت كاسية حين رآها. وهو من قول الأعشى «والزنبق الورد من أردانها شمل»، وفيه بعد مبالغة، ووحيٌ من اشتهاء عند قوله «يعصر».