وقد جردها من خياله كما رأيت في نعته. وكأنه يوهمنا بهذا أنه لم يفعل.
لحسبت الشمس في جلبابها ... قد تبدت من غمام منسفر
وهذا من قول النابغة «كالشمس يوم طلوعها بالأسعد». وقد جعل المراد مكان «يوم طلوعها بالأسعد»«قوله قد تبدت عن غمام منسفر» ونظر فيه إلى قول ابن الخطيم:
تبدت لنا كالشمس تحت غمامةٍ ... بدا حاجبٌ منها وضنت بحاجب
أو قول أبي دؤاد:
ويصن الوجوه في الميسناني ... كما صان قرن شمسٍ غمام
وفي البيت بعد رجعة إلى المطلع «صورة أحسن من لاث الخمر»، ودلالته على أنها كانت كاسية مختمرة لا تخفى. ومما يقوي قولنا إن فيه رجعة إلى المطلع ذكر لفظ الصورة من بعد حيث قال:
صورة الشمس على صورتها ... كلما تغرب شمسٌ أو تذر
وأول البيت من قول النابغة. وآخره نظر فيه إلى روضة الأعشى في قصيدة هريرة المشرقة التألق بالضحى، المعجبة الحسن والريا عند الأصيل.
ثم أخذ المرار بعد أن أكمل صورة تمثاله بهذا البيت والذي قبله، وختم بنحو مما كان ابتدأ به، في معاني أهل الصبابة والغزل مما كان نافقًا في عصره. فزعم أن فاتنته تركته لا ميتًا ولا حيًا أو كما قال:
تركتني لست بالحي ولا ... ميتٍ لاقى وفاةً فقبر
والمعنى قرآني ينظر إلى قوله تعالى {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} ونحو ذلك من