تشبيه العين بالكوخ، ولأن في الكوخ انحصارًا لا يلائم سعة ما هو فيه من معاني البحر والشمس والاخضرار الذي يصور كل شيء كما زعم. ولو قال «مأواي» كان أجود ولكن يضع معه بعض الصورة. ولو قال «كنان» بكسر الكاف وتشديد النون كان صوابًا من حيث المعنى ولكنه يلائم لين الأسلوب كما ترى. وعسى أن يقال «عشان» مثنى العش أي وكر الطائر- وهكذا.
عشان عند البحر هل سنة ... إلا قضيت الصيف تحتهما
وفي العش بعد معنى الغرام، ولا يضيع معه معنى هط " hut" الذي أراده -أي البيت الصغير الذي يستأجره المصطاف وعسى أن يكون أجود أن يقال:
عينان عند البحر هل سنة ... إلا قضيت الصيف عندهما
أو تحتهما. وعينان الأولى من عين الماء. هذا ...
وقوله للشمس مطفأة، آبدة وإنما أراد -أو لعله أراد- الطرافة. والمطفأة تكون شمعة وهو هنا إنما يصف شمس الصيف عند البحر التي تغمر الدنيا بإشراقها ودفئها. ولو قال:
الشمس منذ رحلت كاسفةٌ ... والأرض غير الأرض بعدهما
كان أجود، لأن الذي ذكره من الرحيل من سنخ جاهلي وقوله والأرض غير الأرض من سنخ قرآني والكسوف أشبه بهذا من الإطفاء الذي استطرفه.
هذا،
ومتى غفلت عن هذه الركاكة وهذا اللين والاضطراب في الصور والاستكراه لبعض الألفاظ ونظرت إلى جملة الأبيات معًا، آنست خلف تنعيمها الحضاري، وتحت أثقال البديع العصري التي تنوء بها لمحًا من التمثال الجاهلي- في هاتين الستارتين اللتين شبه بهما هدبى العين، تنظران منهما كأنهما متجردة النابغة م خلال السجفين.