للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجدوا فيه البيان الذي يعسر على من يحسن فهممه حقًّا أن يبالغ في نعت ما فيه من القوة وصدق الإخلاص. بيت زهير:

وإن أحسن بيت أنت قائله ... بيت يقال إذا أنشدته صدقًا

شاهد عدل بمثله الأعلى في النشيد، ما كان يقوله الشاعر في قوافيه قد جربه هو نفسه والذي يعجب سامعيه من قوله هو عينه الذي يعجبنا نحن الآن منه، وهو الصدق والصحة اللتان كان يصور بهما ما كان يعلمه هو ويعلمونه هم في تضمينه فكرهم وحياتهم اليومية في أجود ما ينتقي من اللفظ وأنبل شكل بياني تسمح به وتجيزه لغتهم». ا. هـ. قال شارلس ليال هذه المقالة وهو في أول طريق إعجابه بأشعار العرب ثم إنه قد أحكم مذهبه وجوده في مؤلفه القيم الذي اشتمل على تحقيقه لشرح ابن الأنباري (١) للمفضليات ثم على ترجمة لها مع التعليقات الدقيقة الدالة على جودة ذوقه وتمكنه.

هذا وقد كان قدماء يونان أهل ضروب في أشكال المنثور والمنظوم منها هذا الذي أشار إليه شارلس ليال باسم idyll (أي القطعة الوصفية وذات الطابع الريفي). وكانوا يتغنون أشعارهم ويجعلون في المسرحي منها موسيقا تكون معه وتصاحبه. ولم يكن الشعر عندهم هذه الأقسام الثلاثة فقط. وقد يذكر أن من أهم أصناف الشعر عندهم خمسة هي الهجاء والرثاء والملحمة والمأساة المسرحية والغناء. واختصر هذه الخمسة بعض النقاد بأخرة فجعلوها ثلاثة. ويراد بنا أن نجعل الشعر العربي، وهو صنف من البيان ذو أصالة قائمة به، أحد هذه الأصناف الثلاثة وفي أدنى مراتبها وهو الذي يقال له الغنائي (Lyric ليريك). وهذه ثمرة التقليد الأعمى والتكلف.


(١) () الأنباري الكبير وهو أبو محمد القاسم بن بشار الأنباري والصغير شارح المعلقات هو ابنه أبو بكر وكلاهما من كبار أهل الرواية والدراية.

<<  <  ج: ص:  >  >>