للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله ومن يغوِ أي يضل (باب ضرب) ومن روى يغوَ (باب فرح) ولم يذكر في وجوه الرواية ولكن في الشرح ما يدل عليه أي من يعدم الخير من غوي الجدى (باب فرح) إذا ضعف وهزل «ويعبد» أي يغضب ويتجنى. وعن الأصمعي غوي الفصيل إذا شرب حتى يكاد يسكر والنعت في نونية ابن زيدون عنصر فني كأنه فيه بعد عن الذاتية مثل قوله:

ربيب ملك كأن الله أنشأه ... مسكًا وقدر إنشاء الورى طينًا

وكلا الضربين الذاتي وغير الذاتي من ضروب أشعار العرب كان يتغنى به وينشد. وقال سيبويه في باب وجوه القوافي في الإنشاد في الكتاب: «وإنما ألحقوا هذه المدة في حروف الروى لأن الشعر وضع للغناء والترنم» أ. هـ.

ولأمر ما قرنت العرب الشاعر بالخطيب إذ قالوا إن منزلته كانت أعظم من منزلة الخطيب ثم إن منزلة الخطيب قد صارت أعظم.

القصيدة مذهب من القول الرفيع كان الشاعر به من العرب كالنبي في بني إسرائيل. والخطابة تأثيرها باستجاشة العاطفة وإقناع العقول وجهارة الصوت وجودة الأداء. والشعر تأثيره بأولئك جميعًا ثم بالإلهام والإيحاء والحكمة والوزن والإيقاع. والشعر العربي فيه ذرا شاهقات ما يطاولها قليل. وقد نظر شعر أوروبا الحديثة في قرونه الوسطى وفي أوائل نهضته الحديثة إلى الشعر العربي بلا ريب. ونظر عابر في مختارات الشعر الإنجليزي مثلًا يريك مشابه منه بأشياء نعهدها في أشعار العربية لا يصح حقًّا أن تُجعل كلها من باب وقوع الخاطر على الخاطر كما يقع الحافر على الحافر. من ذلك مثلًا نعت شكسبير لكيلوبترة في المنظر الثاني من الفصل الثاني بلسان اينوباربس أن مر السنين لم ينقص من جمالها وأن عادة لقائها لا تبلي طرافة أنواعها المتجددة بلا نهاية، فيه رجع صدى ذو مشابه من نعت أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>