هذا، وقد وجدت الكاتب المعاصر أدونيس يقول في كتابه زمن الشعر: «القصدة القديمة مجموعة أبيات، أي مجموعة وحدات مستقلة متكررة لا يربط بينها نظام داخلي، إنما تربط بينها القافية وهي قائمة على الوزن، والإيجاز طابعها العام». أ. هـ.
وهذه العبارة ينقض آخرها أولها إذ ما له طابع عام هو كل واحد ضربة لازم وما هو كل واحد فإنه يشمله نظام داخلي، وقد زعم أدونيس أن الإيجاز يشمله، فتأمل.
ثم لو سلمنا لأدونيس ظاهر قوله فعليه تكون قصيدة النابغة التي مطلعها:
يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأمد
مجموعة أبيات أي وحدات مستقلة متكررة لا يربط بينها نظام داخلي. وكذلك عينيته التي ذكرها الن رشيق في العمدة عند الحديث عن التخلص في باب المبدأ والخروج والنهاية فقال: وأولى الشعر بأن يسمى تخلصًا ما تخلص فيه الشاعر من معنى إلى معنى ثم عاد إلى الأول وأخذ في غيره ثم رجع إلى ما كان فيه كقول النابغة آخر قصيدة اعتذر بها إلى النعمان بن المنذر.
وكفكفت مني عبرة فرددتها ... إلى النحر منها مستهل ودامع
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت الما أصح والشيب وازع
ثم تخلص إلى الاعتذار فقال:
ولكن همًّا دون ذلك شاغلٌ ... مكان الشغاف تبتغيه الأصابع
وعيد أبي قابوس في غير كنهه ... أتاني ودوني راكس فالضواجع
ثم وصف حاله عندما سمع ذلك فقال:
فبت كأني ساورتني ضئيلةٌ ... من الرقش في أنيابها السم ناقع
يُسهَّد بالليل التمام سليمها ... لحلي النساء في يديه قعاقع
تناذرها الراقون من سوء سمها ... تطلقه طورًا وطورًا تراجع