أن السطر منه فيه عشرة مقاطع، غير أنه نظم شيئًا كثيرًا، فكانت تتفق له الأبيات الحسنة ولكنه لم يكن يعرف أنها أبيات حسنة، وكان نحو قول القائل:«ضع السكين والشوكة من فوق على صحنك مفاعيلن مفاعيل مفاعيل مفاعيلن» من الشعر في نظره: Lay your knife and your fork across your plate وهذا السطر بالإنجليزية عشرة مقاطع وانظره في ص ١٣٨ من ترجمة جونسون لصاحبه بوزويل The life of Johnson by James Boswell- Penguim ولعل الجاحظ أدق في الذي ذهب إليه من صمويل جونسون؛ لأن هذا الرجل الذي ذكروه كان يعرف الوزن ويكثر من النظم عليه ويقصد من ذلك الشعر، فإن كان هذا السطر الذي زعمه جونسون من نظمه فهو شعر بلا ريب إلا أنه شعر في الدرك الأسفل من الرداءة، ولعل هذا ما أراده جونسون والله أعلم.
هذا وقد كان سبق منا القول بأن طريقة وزن الشعر بالمقاطع فيها يسر تعليمي غير أن طريقة علم العروض كما وضعه الخليل أدق وأقوى في بيان الإيقاع. ولعلنا تبدو لنا طريقة المقاطع كأنها أيسر لسابق معرفتنا نغم أشعارنا من طريق الأناشيد. وتأمل نظام المقاطع يرينا أنها مما تعجز عن بيان حقيقة النغم المستكن في الأشعار بالإنجليزية ولذلك جعل بعض المعاصرين من نقاد الإنجليزية يستعمل الكتابة الموسيقية في توضيح الإيقاع. وما طريقة الخليل إلا ضرب من الكتابة الموسيقية، يدلك على ذلك استعارة أصحاب الموسيقا -كما في كتاب «الموسيقي الكبير» - من ألفاظ علم الخليل (١) كالسبب والوتد والفاصلة وزيادتهم قياسًا على ما أخذوه من الخليل مما كانوا محتاجين إلى ذكره، الوتد المفرد للمتحرك بعده مد وسكون أو ساكنان مثل قال بسكون اللام، والسبب المتوالي لما ينقص عن الفاصلة الصغرى بأن ليس فيه الساكن الأخير مثل فعل المتحركات جميعًا، كلاهما ذكره الفارابي. وفارق أصحاب الموسيقا الخليل باستعمال المقطع الصغير مكان الحرف
(١) () في المزهر للسيوطي ما يدل على أن إسحق الموصلي أخذ كتابه الموسيقا عن الخليل (ج ١ - ص ٨١).