المتحرك والمقطع الطويل للدلالة على السبب الخفيف أحيانًا وإنما آثر الخليل الحرف المتحرك في ما يبدو لنا لأنه يتصل بما قبله وما بعده وليس في العربية مقطع قصير يستقل بنفسه كما يتفق في لغات الإفرنج مثلًا، والسبب الثقيل في العربية حركته محدودة إذ يصير سببًا خفيفًا عند الوقف نحو «مَعَ» بسكون العين و «مَعَ» المتحركة العين في الوصل والوقف. والحرف المتحرك يمطل فيصير سببًا خفيفًا إذا انفرد ووقفت عنده مثل قول الآخر:
قد وعدتني أم عمرو أن تا ... تدهن رأسي وتفليني وا
وما أرى إلا أن القدماء عرفوا لفظ المقطع المصطلح في الموسيقا بدليل ذكر الفارابي له مع تفسيره. وقال المعلى الطائي، من شعراء البصرة، ذكره ابن المعتز في طبقات الشعراء العباسيين، يصف مغنية.
تزيا بأزياء الرجال تمردا ... وتأنف من لبس القلادة والشنف
وتجمع بين السجع والرجز في الغنا ... وتسكت من حذق على مقطع الحرف
يعني تسكت عند الجيم من الرجز فلا ينكسر البيت ولم يرد المقطع بمعنى الموقف إذ ليس هذا بموضع وقف، وقولنا لم يرد المقطع بمعنى الموقف نحترس به من قولهم مقاطع قرآن أي مواقفه، ومقاطع الشعر أي أواخره، ويجوز عقلًا أن يكون أراد بمقطع آخر حرف الجيم وهو فتحة في مذهب الخليل ولكن في هذا من التكلف في تفسير كلامه وهو كما ترى، ما لا يخفى، ثم ما كل من كان على زمان الشاعر كان إن كان من أهل الأدب والعربية يقول بتأخر الحركة عن الحرف كما كان يقول الخليل، وإن كان قول الخليل هو الصحيح، قال سيبويه في باب حروف البدل في غير الإدغام، «وزعم الخليل أن الفتحة والكسرة والضمة زوائد وهن يلحقن الحرف ليوصل إلى التكلم به والبناء هو الساكن ذلا زيادة فيه فالفتحة من الألف والكسرة من الياء والضمة من الواو فكل واحدة شيء مما ذكرت لك». أ. هـ. قلت