في ثانيه ونحو قوله:«لا حقة هي ولا نيوب» تشبع كسرة الهاء ولا تفتح الياء وقوله: «وأرسلته وهو مكروب» تشبع ضمة الهاء من هو ولا تفتح الواو، وقوله:«يصيرن شانئًا حبيب» الفعل من صير الرباعي المضعف، المضارع منه، مبنيًّا للمجهول مع النون الخفيفة، لا مضارع الثلاثي مع النون الثقيلة. وليرجع القارئ الكريم إلى أبيات المعلقة في نصها.
وعلى هذا النمط يتفق مجيء مخلع البسيط الذي فيه فعولن مع سائر العروض الثالثة التي ضربها غير مخبون (مفعولن). ويظهر أن:
مستفعلن فاعلن فعولن
التزمها المتأخرون حين نظموا على هذا القرى إحكامًا منهم للصنعة. وقال المعري في رسالة الغفران بمعرض خبر ابن أحمر ووقفه صاحبه معه في إحدى لقاءات الجنة (١): «ولقد وجدت في بعض كتب الأغاني صوتًا غنته الجرادتان فتفكنت لذلك الصوت:
أقفر من أهله المصيف ... فبطن عودة فالغريف
هل تبلغني ديار قومي ... مهرية سيرها تلقيف
يا أم نعمان نوليني ... هل ينفع النائل الطفيف
وهذا شعر على قرى: «أقفر من أهله ملحوب» فقول المعري هذا يسند ما ذهبنا إليه في صفة إعجاز أبيات البائية. وأما الاضطراب الذي يبدو في صدورها فهي جارية على مجزوء البسيط يكون مزاحفًا في أوله مثل:«فكل ذي نعمة مخلوسها» وأحيانًا في آخر الصدر مثل: «عيرانة مؤجد فقارها» وأحيانًا من العروض الثالثة نحو: «وكل ذي إبل موروث» وهذا كأنه جار مجرى التصريع
(١) () رسالة الغفران، تحقيق ابنة الشاطئ- طبعة دار المعارف ص ٢٤٣ - ٢٤٤.