البسيط مستبين، وزنه بعد حذف قد «مفتعلن فعلن مستفعلن مفاعلن فاعلن فعولن». وكأن أكبر شذوذ في القصيدة بيت العاناة حيث قال:
كأنها من حمير عاناتٍ ... جونٌ بصفحته ندوب
فإن الوزن يصح بقولك «كأنها من حمير عانا» وقوله (تن) من بعد زيادة يحتملها تنغيم الغناء لأن فيه السكتات كما فيه التمطيط وليست (تن) ههنا بأبعد من التنوين الذي زيد بعد قاف رؤبة ولعل الرواية وقفت بصدر البيت عند (من حمير عانا) لعلم السامع أنها (عانات) كما علم من قول علقمة (بسبا الكتان) إنه يريد (بسبائب الكتان) ثم مع هذا الذي نقول به من أن الترنم قد يسوغ ضروبًا من الزيادة والحذف ينبغي أن نتذكر أن أمثال زيادة قد ومن وحذف أمثالهن مما يقع في التصحيف وقد روى أبو عكرمة البيت السادس عشر في ميمية المرقش هكذا:
يهلك والد ويخلف مو ... لود وكل أب يتيم
وروى غيره (وكل ذي أب يتيم) وهو الذي به يتم الوزن ويستقيم المعنى ولكن أبا عكرمة هو أساس الرواية، فتأمل هذه الدقة.
ومما ينبه عليه في معرض الحديث عن التغني أن هذا البحر الذي منه هذه القصيدة كان مما يتغنى به كما يدل على ذلك خبر الجرادتين وغناؤهما بالأبيات الفائية التي منها قوله:
يا أم نعمان نولينا ... هل ينفع النائل الطفيف
ويروى «هل ينفع النائل الطفيف» وأحسب أنها عليها رواية أغاني أبي الفرج.
ويدل على ذلك أيضًا قول سلمى بن ربيعة وهو في وزن من هذا القرى على حذو عبارة المعري: