وقد مرت الأبيات في أوائل الجزء الأول من هذا الكتاب وذكرناها ههنا لننبه على موضع قوله:«وشرع المزهر الحنون» فهو يقوي ما قدمنا من خبر الجرادتين والتغني في هذا الوزن وإن رنات المزهر قد تجيء معها السكتات والزيادات التي تجري مجرى الترنم مثل السبب الخفيف في (من) و (قد) و (تن) التي في (عاناتن).
وسائر بائية عبيد سوى الأبيات أو قل الصدور الثلاثة جار على جملة الوزن. ثم في داخل الأبيات قطع تتوازن ولا ريب أن ترجيع الغناء والمزهر مما كان يقويها نحو:«أفلح بما شئت فقد» ونحو قوله «يبلغ بالضعف وقد» وقوله «لا يعظ الناس من» وقوله «لا يعظ الدهر» وحسبنا هذا القدر من التمثيل وعسى أن يضح به ما أردنا إليه من معنى، والله أعلم.
وبعد فالإيقاع الداخلي هو سر التعبير في الشعر وجميع أصناف الوزن ووسائله هن كالمفاتيح له وفيهن محاكاة له. وقد يهم (من الوهم) بعضهم فيظن أنه ينبغي على الشاعر الحق أن يخلص إلى إيقاع نفسه الداخلي من دون استعانة بوسائل الوزن، لأنهن حواجب وقيود وأثقال.
يقول صاحب كتاب شعر التصويريين بيتر جونز Imagist Poerty- Peter Jones (بنجوين) في ص ١٥، ١٦ إن مجموعة شعراء الصورة والتصوير عقدت أول اجتماع لها في ٢٥ من مارس سنة ١٩٠٩ في مطعم من حي سوهو في لندن اسمه «برج إيفل» وكانوا يجتمعون كل خميس مساء ويتحدثون عن حال الشعر على زمانهم المعاصر وأنه ينبغي أن يستبدل الشعر الحر Vers libres وبالتانكا اليابانية وبمنظوم من نوع الشعر العبراني في العهد القديم من الكتاب المقدس، وكأن بعضهم ينكر فائدة الوزن الايامبيك الخماسي (أي الذي فيه عشرة مقاطع الأول من كل