اثنين منها ضعيف) بل من ينكر فائدة الوزن وإيقاعه كائنًا ما كان ويزعم أن ذلك عبث أطفال.
واعلم أن دعوى أن يخلص امرؤٌ إلى إيقاع نفسه بغير وسائل الإيقاع من باب المستحيل لأن هذا هو الخرس البحت والعي وامتناع البيان.
ولقد سمت العرب الحمامة وهي ذات بيان شجني بهديلها المطرب عجماء، لأن غناءها على إطرابها ذو إبهام فيه قصور عن وضوح فصاحة التعبير. قال حميد بن ثور:
فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربيًّا شاقه صوت أعجما
وقد وهم جماعة من المعاصرين حين التمسوا أن يحرروا الوزن والإيقاع العربي بزعمهم باستعمال الجناس الداخلي يقتدون في ذلك بالشاعر الأميركي البريطاني إليوت. ومذهب الجناس الداخلي أن يك مما يستقيم عليه مظهر إيقاع أو وزن شعري في الإنجليزية، فهو في العربية داخل في حيز زينة الكلام المنثور، وقد تعرضنا لبيان هذا المعنى في مقدمة الجزء الأول وفي أول الجزء الثالث عند الحديث على شاعرية النثر العربي، لكثرة ما في العربية من وسائل الإيقاع وأساليبه حتى قال الجاحظ في الحيوان:«وفضيلة الشعر مقصورة على العرب وعلى من تكلم بلسان العرب» وقال في البيان إن العرب تقطع الألحان الموزونة على الأشعار غير الموزونة «فتضع موزونًا على غير موزون، والعجم تقطع الألحان الموزونة على الأشعار غير الموزونة، فتضع موزونًا على غير موزون». وزعم أن هذا من باب الفرق بين أشعار العرب بين الكلام الذي يسميه الروم والفرس شعرًا. (راجع البيان ح ١ - ٣٨٤ - ٣٨٥ تحقيق عبد السلام هرون).
عند كاتب هذه الأسطر أيها القارئ الكريم ترجيح لأن أولي الإفرنج من الأدباء والشعراء أخذوا أمر ما يقال له الجناس الداخلي الآن من العرب، كأخذهم القافية. وشاهد ذلك كثرة الجناس والصنعة البديعية في أوائل نظمهم عند نهضة