للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الباب لم تكن لغات الإفرنج تقوى عليه، ولكنها كانت تطلب محاكاته بشيء يدنو من مذهبه. وقد راجت مقامات الحريري ببديعها وعرفت من أقصى دار الإسلام شرقًا إلى أقصاها غربًا. وتأمل النماذج التي مرت بك من وليم لانجلاند وهوبكنز وإزرا باوند في ضرب هذا الجناس الداخلي أو الحرفي. ووازن بين ذلك وأمثال قول الحريري في إحدى مقاماته وأمثالها عنده كثير:

وأحوى حوى رقي برقة ثغره ... وغادرني ألف بالسهاد بغدره

تصدى لقلبي بالصدود وإنني ... لفي أسره مذحار قلبي بأسره

وقوله من أخرى:

آليت لا خامرتني الخمر ما علقت ... روحي بجسمي وألفاظي بإفصاحي

ولا اكتست لي بكاسات السلاف يد ... ولا أجلت قداحي بين أقداحي

ولا صرفت إلى صرف مشعشعة ... همي ولا رحت مرتاحًا إلى راح

ولا نظمت على مشمولة أبدًا ... شملي ولا اخترت ندمانًا سوى الصاحي

وقال المعري وكان من المشهورين وكأن فردريك الثاني الإمبراطور قد أخذ منه قولته المشهورة في الديانات: «أتى عيسى فأبطل دين موسى الأبيات» - قال:

خوى دن شربٍ فاستراحوا إلى التقى ... فعيسهم نحو الطواف خوادي

وله في الديك:

أياديك عدت من أياديك صيحة ... بعثت بها ميت الكرى وهو نائم

وهذا الضرب كثير في شعره وإليه نظر الحريري وغيره ومن أجوده في سقط الزند:

سارت فزارت بنا الأنبار سالمة ... تزجى وتدفع في موج ودفاع

<<  <  ج: ص:  >  >>