القافية فقالوا:«أقلى اللوم عاذل والعتاب» وقالوا: «واسأل بمصقلة البكرى ما فعل» يريدون فعلًا، وضربٌ من هؤلاء قالوا:
يا دار عبلة بالجوا تكلم
بحذف الياء التي هذا ضمير، فهؤلاء ليسوا بمستنكفين أن يقولوا:
فأضحى يسح الماء حول كتفيه
بالوقف الذي في الكلام إذ هذا دون القافية في المنزلة. وقال سيبويه:«وأما الثالث فإن يجروا القوافي مجراها لو كانت في الكلام ولم تكن قوافي شعر، جعلوه كالكلام حيث لم يترنموا وتركوا المدة لعلمهم أنها من أصل البناء إلخ» قوله جعلوه أي جعلوا الشعر كالكلام.
هذا، وخبر إقواء النابغة يذكرونه كما تعلم مقرونًا بغناء القيان في يثرب. وسبق منا القول في معرض الحديث عن المتجردة أننا نرى رواية الإقواء أقوى في:
زعم البوارح أن رحلتنا غدًا ... وبذاك خبرنا الغداف الأسود
وليس الذي ذكروه من رجوع النابغة عنه فقال:
وبذاك تنعاب الغداف الأسود
يلزم أن نرويه فقد يرجع الشاعر عن شيء ثم يعاود النظر فيرجع إليه، فقد ذكروا أن ذا الرمة رجع عن قوله:
إذا غير النأى المجين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
فقال:«لم أجد رسيس الهوى»، ثم عاد إلى الإنشاد الأول وهو الصواب. وكان الإقواء كأنه مذهب لهم لكثرة ما جاء منه في جيادهم. قال عبدة بن الطبيب