وأدخل ابن الأثير نحو هذا في باب السرقات وسماه نسخًا وليس به عند التأمل وقديمًا قال امرؤ القيس:
عوجا على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حزام
فهذا من بكاء الديار لعله كلام قديم مروي.
وكانت لعبد الله بن جدعان السيد القرشي مغنيتان عرفتا بالجرادتين وقد مر شيء من خبرهما وأحسبهما هما اللتان غنتا:
أقفر من أهله المصيف ... فبطن مكة فالغريف
يا أم نعمان نولينا ... قد ينفع النائل الطفيف
لا قينتا الجرهمي صاحب مكة الذي قدم عليه وفد عاد، والله أعلم.
على أن أبا العلاء قد أنكر أن تكون جرادتا الجرهمي هما اللتان تغنتا بهذا الصوت، قال في رسالة الغفران:«ومن الذي نقل إلى المغنين في عصر هرون وبعده أن هذا الشعر غنته الجرادتان، إن ذلك لبعيد في العقول وما أجدره أن يكون مكذوبًا» ثم ذكر المعري على لسان ابن أحمر أن العرب صارت تسمى كل قينة جرادة حملًا على أن قينة في الدهر الأول كانت تدعى الجرادة، قال الشاعر:
عني بالمشور العسل. ولعل القينات سموهن الجراد لأنهم كن يأخذن ما عند الشرب فيتركنهم جردًا من المال كما يترك الجراد مكان الزرع أرضًا جرداء، قال عبدة بن الطبيب في القينة:
تغدو علينا تلهينا ونصفدها ... تلقى البرود عليها والسرابيل
نصفدها (رباعي) أي نعطيها وهذا المعنى ذكره ابن الأنباري في تفسير هذا البيت ولم يذكره الفيروزأبادي في القاموس وجعل صفد الثلاثي وأصفد الرباعي بمعنى