للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيد وأوثق والصفد بالتحريك العطاء وكأن أبا الطيب نظر إلى هذا المعنى حيث قال:

وقيدت نفسي في ذراك محبةً ... ومن وجد الإحسان قيدًا تقيدًا

وقال عبد يغوث الحارثي في نحو المعنى الذي ذهبنا إليه من جرادية القينات:

وأنحر للشرب الكرام مطيتي ... واصدع بين القينتين ردائيًّا

وجرادتا الجرهمي صاحب مكة يدل خبرهما على قدم أمر الغناء والقيان المحترفات وصناعة اللحون عند العرب، أصح هذا الخبر أم لم يصح لما يتضمنه من قدم الدلالة. وزعموا أن وفد عاد أقاموا عليهما ونسوا ما جاءوا له من السقيا ثم رفعت لهم سحابة العذاب.

وما كان أمر الغناء ليبلغ ما بلغ من الاتقان على أيام عبد الله بن جعفر ومعاصريه بالحجاز، وذلك في صدر دولة بني أمية، لو لم يكن لكل ذلك من أسلوب الجاهلية في هذا الفن سابقة. وقد قال القرشي:

إذا شئت غنتني دهاقين قرية ... ورقاصة تجذو على حد منسم

لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمنا بالجوسق المتهدم

وأمير المؤمنين هو سيدنا عمر رضي الله عنه.

وقد رووا عن سيدنا عمر نفسه أنه تغنى ببعض الشعر في أحد أسفاره وكان من نقاد الشعر ورواته.

ورووا لبلال رضي الله عنه أنه لما أصابته الحمى بالمدينة كان ربما رفع عقيرته بالنشيد وكان ندى الصوت، فقال:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بمكة حولي إذخر وجليل

وهل أردن يومًا مياه مجنةٍ ... وتبدو لعيني شامة وطفيل

<<  <  ج: ص:  >  >>