نسق ميخائيل نعيمة اثني عشر سطرًا كل منها مبدوء بفي وفي وسطه في، ولو كان قال:
كحل اللهم عيني بشعاع من ضياء كي تراك
وإذا ما اورتها سكتة النوم العميق
فأغمض اللهم جفنيها إلى أن تستفيق
لكان مقاله من قبيل الشعر نوعًا ما وربما أخذ الآخذ عليه بعض الهنات في اللغة كوصل همزة القطع ثم جعله النوم سكتة وليس عند أكثر الناس بسكتة إذ معه النفس. وقد يرتفع فيكون منه النفخ ومنه الغطيط، قال امرؤ القيس:
يغط غطيط البكر شد خناقه ... ليقتلني والمرء ليس بقتال
ولعل ميخائيل نعيمة أراد تشبيه النوم بالموت فجعله سكتة، يتوسع بذلك على بعده، ثم أتبعه قوله «فأغمض اللهم جفنيها» لأنهم يتحدثون عن الميت أن من البر به إغماض جفنيه حتى لا يموت وهو شاخص الطرف. وقوله «ساورتها سكتة النوم» بعيد في معنى النوم قريب في معنى الموت الذي يكون بسكتة القلب وتشبيه النوم بالموت قدم مألوف غير أن الغريب حقًّا قوله: «فإذا ساورتها ... فأغمض اللهم جفنيها» ولا يصح نحو هذا المقال إلا لمن كان شديد الأرق قلقًا إلى النوم ولا يجيئه، ولا يستطيع إليه سبيلًا إلا بوسيلة من تخدير. وأستبعد أن يكون أراد هذا المعنى، والله أعلم.
أما نسقه أربعًا وعشرين شبه جملة مبدوءة بفي، فإن كان يريد به استقصاء التأمل والتعمق والانتساب إلى سعة من خيال، فإنه حقًّا ما عدا به ضربًا من التعداد والإحصاء، وإذ لم يقصد به إلى الإحصاء، كما يصنع مثلًا من يقول: