للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمونني صادقا فيما أقول، وهو وجه يحتمل على ضعف والله أعلم.

لا حلمك الحلم موجود عليه ولا ... يلفي عطاؤك في الأقوام منكودا

وقد سبقت بغايات الجياد وقد ... لا زلت عوض قرير العين محسودا

عوض بضم الضاد يراد بها التعبير عن الدهر، وكأن منها نفسًا في قولنا بالدارجة «عاد» بسكون الدال نجيء بها في درج الكلام.

هذا وموضع استشهادنا من هذه الأبيات الجيدة قوله في الغزل أنها كظبية بكر تتراءى لتفننه بشعرها الجثل المتدلي من عند تراقيها على متنيها كالعناقيد وتبسم له بثغرها العذب ذي الثنايا البراقة الشهدية ثم قال معتمدا على ما قدمه من ذكر البين وما يتضمنه من معنى الرحيل:

وجسرة حرج تدمي مناسمها ... أعملتها بي حتى تقطع البيدا

أي دع هذا ولنأخذ بمذهب الجد وهو إعمال الناقة الجسرة وجعلها حرجًا لأن مركب السفر فيه حرج وضيق ومشقة- قال تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}، وجعلها تدمي مناسمها لبعد الطريق إذ كانوا ينعلون الإبل نعالًا يقال لها السريح فإذا طال السفر تقطعت ودميت أخفافها، قال لبيد:

فإن تغالى لحمها وتحسرت ... وتقطعت بعد الكلال خدامها

فلها هباب في الزمام كأنها ... صهباء خف من الجنوب جهامها

فمن أراد أن يذهب مذهب الناقد الإنجليزي الذي تقدم ذكره زعم أن ربيعة بن مقروم لم يذهب إلى معنى البين الذي تقدم ذكره في قوله «قامت تريك غداة البين منسدلًا» ولكنه أمل في نفسه افتضاض البكر التي قامت تتراءى له بفرع كالعناقيد وبشفتين قبلهما في الوهم ثم جعل ضيق مركب الناقة ودم مناسمها مكان

<<  <  ج: ص:  >  >>