للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليك أمثلة مختلفة من الشعر الرملي لأوضح ما ذكرته. قال عدي بن زيد العبادي على لسان شجرتين (١):

من رآنا فليحدث نفسه ... أنه موف على قرن زوال

رب ركب قد أناخوا حولنا ... يمزجون الخمر بالماء الزلال

والأباريق عليها فدم ... وجياد الخيل تردي في الجلال

ثم أمسوا عصف الدهر بهم ... وكذاك الدهر حالا بعد حال

أترى هذا الكلام يستقيم على البحور الثقال الرزان كالبسيط أو الخفيف أو الطويل مثلا. تأمل قول المعري في نفس المعنى (٢):

فاسأل الفرقدين عمن أحسا ... من قبيل وآنسا من بلاد

كم أقاما على زوال نهار ... وأنارا لمدلج في سواد

تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب في ازدياد

اطرد تفاصيل المعنى من ذهنك، وانظر في المعنى العام المشترك، ثم تأمل الوزن [وقد تعمدت اختيار أبيات المعري لك وهي من الخفيف لقرب ما بين هذا البحر والرمل من نسب]. ألا ترى أن رنة الوزن في كلام عدي فيها من الحزن الملنخولي ما ليس في كلام المعري، مع أن الأبيات التي ذكرنا من دالية المعري المرثية المعروفة العميقة الملأى بمعاني الحزن؟ وتأمل قول ابن الزبعري في يوم أحد (٣):

قد جزيناهم بيوم مثله ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل

ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل


(١) الأغاني ٢ - ١٣٤.
(٢) شرح التنوير ١ - ٣٠٣ - ٣١٦.
(٣) انظر خبر أحد في السيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>