للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه على مكافحتها الغرض كأن فيها مقدمة من طرب النسيب وما إليه مضمرة لأن ذلك قد جاء في اعتذاريات النابغة الأخرى كالعينية التي يقول فيها:

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني ... وتلك التي تستك منها المسامع

وقال الشنفري، وقيل لم يقلها، والراجح أن بعضها له وفيها مسجديات: ولا دخان بلا نار:

أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل

وهذا مقارب لحنين النسيب، لما في مراد الشاعر من التحسر ومعنى أنه لو كان له قوم لحن إليهم، ولكن أقرب الناس إليه، وما عسى أن يكون أقرب في النداء من قوله «بني أمي»، قد رغب عنهم إلى اصطحاب وحوش الصحراء وأحناشها.

وشبيه بهذا المذهب قول المرار حين كره صنعاء وحن إلى الديار النجدية:

لا حبذا أنت يا صنعاء من بلد ... ولا شعوب هوى مني ولا نقم

ولن أحب بلادا قد رأيت بها ... عنسًا ولا بلدًا حلت به قدم

إذا سقى الله أرضًا صوب غادية ... فلا سقاهن إلا النار تضطرم

وحبذا حين تمسي الريح باردة ... وادى أشيٍّ وفتيان به هضم

فهذا كما ترى عكس مذهب الوقوف على الطلل وسقيا الديار.

ومن المكافحة الصريحة بلا تقديم قول ذي الأصبع:

إنكما صاحبي لن تدعا ... لومي ومهما أضع فلن تسعا

أنكما من سفاه رأيكما ... لا تجنباني السفاه والقذعا

وكأنها قطعة إذ المروي منها عشرة أبيات، وليست بقطعة ولكن من قصار القصائد، وكان ذو الأصبع في شعره صرامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>