والقصار اللاتي يكافحن أغراضهن بلا تمهيد طربي كثيرات، منهن في المفضليات عدد، مثل:
ألا هل أتاها أن شكة حازم ... لدي وأني قد صنعت الشموسا
على أن في هذه نفسًا من نسيب في قوله:«هل أتاها» وإنما هذا بمنزلة النداء ويا بني في الوصايا ونحوه عنترة:
ألا هل أتاها أن يوم قراقر ... شفى حزنًا لو كانت النفس تشتفي
وقريب من هذا المجرى قول أبي قيس بن الأسلت:
قالت ولم تقصد لقيل الخنى ... مهلًا فقد أبلغت أسماعي
أنكرته حين توسمته ... والحرب غول ذات أوجاع
من يذق الحرب يجد طعمها ... مرًا وتحبسه بجعجاع
إذ هو في جوهره ليس ببعيد من القصد المباشر إلى الجد لأن المرأة التي أنكرته هي زوجته وإنما أنكرته لانصرافه إلى الحرب والاستعداد لمكروهها وبذله في ذلك كل جهد، قال ابن الأنباري يسنده إلى أحمد بن عبيد بن ناصح:«كانت الأوس قد أسندت أمرها في هذه الحرب إلى أبي قيس بن الأسلت الأنصاري الوائلي فقال في حربهم فآثرهم على كل صنيعة حتى شجب وتغير ولبث أشهرًا لا يقرب امرأة، ثم جاء ليلة فدق على امرأته وهي كبشة بنت ضمرة بن مالك بن عمرو بن عزيز من بني عمرو بن عوف، ففتحت له فأهوى إليها فدفعته وأنكرته فقال أنا أبو قيس، فقالت والله ما عرفتك حتى تكلمت فقال أبو قيس في ذلك هذه القصيدة إلخ» ومن شاء جعلها غزلًا على هذا المعنى والأول الذي قدمناه أقوى. وكلمة ذي الأصبع النونية إن يك أولها:
لي ابن عم على ما كان من خلق ... مختلفان فأقليه ويقليني