وقد سبق الاستشهاد ببعضها. وهي قصيدة كالوصية إلا أنه لم يبدأها بخطاب ابن أو نداء غير أن قوله:«لا تقولن» بمنزلة ذلك، ولا أحسبه يحسن أن يبدأ بمثل هذا التأكيد لغير من يهمه أمره من ولد ونحوه. وهذا البيت أول القصيدة عند المفضل. وزعم غير المفضل فيما ذكر ابن الأنباري وجعله غيرا «غير معين»، أن سياقها من عن أولها هو هكذا:
حسن قول نعم من بعد لا ... وقبيح قول لا بعد نعم
إن لا بعد نعم فاحشة ... فبلا فابدأ إذا خفت الندم
لا تقولن إذا ما لم ترد ... أن تتم الوعد في شيء نعم
وسياق المفضل أجود وأصح إن شاء الله.
ووصف امرؤ القيس المطر برائيته التي أولها:
ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحري وتدر
فخلص إلى أربه بلا تقديم، على أن وصف المطر من معادن النسيب، إلا أنه في هذه الكلمة ما أريد به إلا محض التصوير فهو الغرض الذي جعلت القصيدة له.
هذا والقصائد التي يكافح فيها الشاعر غرضًا واحدًا لا يعدوه كثيرات واللواتي لا يستهل فيهن بالطلل ولا بالنسيب بمعناه الواسع كثيرات. وإنما تمثلنا بما تمثلنا به لندل على أن قول النقاد الآن «المقدمة الطللية» لا يعدو أنه من باب إطلاق الجزء على الكل في باب النسيب وحده، إذ لا يتوهم في باب المجاز أن ذلك يصح إطلاقه على نحو:
لا تقولن إذا ما لم ترد ... أن تتم الوعد في شيء نعم
ولا في نحو:
جزى الله أفناء العشيرة كلها ... بدارة موضوع عقوقًا ومأثما