لوحدة لمنظومة والشعر وهذا خطأ منهم لأن الوحدة يدور أمرها على ارتباط أول الفعل بوسطه وآخره فيكون «واحدًا تامًا كالكائن الحي» ومتى كان كذلك «أنتج اللذة الخاصة به»(راجع فن الشعر ترجمة عبد الرحمن بدوي، القاهرة)(١٩٥٣، ص ٢٤ و ٢٥ و ٦٤ و ٦٥ و ١٠٢ و ١٨١ إلى ١٨٣ وهلم جرا).
فأحسب أن الحاتمي قد أخذ كلامًا مما نقل عن أرسطو وأقحمه إقحامًا على نقده هو للشعر بشاهد تشبيه القصيدة بالإنسان الذي شبهه ونسب منه إلى حذاق المحدثين. ولقد كان البحتري أبو عبادة من هؤلاء الحذاق، وما كان أكثر ما عنده من الاقتضاب الذي ظاهره يخالف هذا الذي زعمه الحاتمي، كقوله مثلًا:
إني وإن جانبت بعض بطالتي ... وتوهم الواشون أني مقصر
ليروقني سحر العيون المجتلى ... ويشوقني ورد الخدود الأحمر
الله مكن للخليفة جعفر ... ملكًا يحسنه الخليفة جعفر
فكان ينبغي على الحاتمي أن يوضح لنا الصلة «العضوية»«الإنسانية» في هذا من كلام البحتري وما أشبهه منه ومن حذاق شعراء المحدثين. وسنبين ما نراه في هذا الباب في فصل يلي من بعد إن شاء الله. ولقد كان الحاتمي منحرفًا عن أبي الطيب حاول أن يجعل كثيرًا من حكمه وأمثاله سرقات من أرسطوطاليس. ولقائل أن يقول إنه كان من ضعاف النقاد كما قال ابن هشام النحوي، وكان معجبًا بأبي الطيب يستشهد بشعره كما لو كان من أهل الصدر الأول، عن ابن خالويه، وانحرافه عن أبي الطيب معروف وعداوته له، إنه كان من ضعاف النحاة، أحسبه قال ذلك في معرض الحديث عن واو الثمانية في مغنى اللبيب.
هذا، ونحن الآن متى تمثلنا الفارق الزمني بيننا وبين شعراء الجاهلية، لزمنا أن نقر على أنفسنا بالجهل لكثير من الوجوه التي كانت عليها حياتهم في قراهم وحواضرهم وبواديهم. وقد وصف لنا القرآن من أمورهم أشياء كثيرة لا نجدها في