للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكاستسقاء العرب في السنين المجدبة بعقد الشعل على أذناب البقر وإرسالها تتعادى.

سلع وما مثله عشر ما ... عائل ما وعالت البيقورا

البيقور، أي البقر وزعم الجاحظ في الحيوان أن الأصمعي صحف هذه الكلمة ومتى آنسنا فكرة بعد الزمن وأنم بداوة الجاهليين وحضارة حواضرهم، كلا ذينك لم يكن أمرًا جغرافيًّا فقط، ولكنه قد كان أمرًا تأريخيًّا، نحتاج إلى طول درسي وتأمل حتى ندرك حقيقة كنهه.

ومن الأمثلة التي قد تعين في هذا الصدد أن نتناول شعرًا مشهورًا كالمعلقات وننظر في أوائله ونتحسس هل لها من دلالة على موضوعاتها وضروب معانيها، فإن أصبنا من ذلك ما يقوى هذا الوجه حاولنا مثله في غيرها، وهكذا حتى نستطيع الوصول إلى رأي قوي الاحتمال في هذا الباب.

معلقة امرئ القيس تبدأ بقوله:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بقين الدخول فحومل

ولا نحتاج ههنا إلى كبير تأمل لنذهب إلى أن هذا المطلع ينبئ بأن موضوع القصيدة ذكريات وأشجان من زمان ماض.

ومعلقة طرفة تبدأ بقوله:

لخولة أطلال ببرقة ثهمد ... تلوح كباقي الوشم من ظاهر اليد

ههنا الأطلال مقطوع بوجودها، ليست ذكرى ومواضع يتحسس الشاعر أماكنها كما صنع امرؤ القيس. وهذه الأطلال لم تخف آثار بعضها لاختلاف الرياح عليها، كما توهم الشاعر أم لعلها خفيت. هذه الأطلال التي يذكرها طرفة تلوح كبقية وشم على يد هيئتها ظاهرة متمثلة ... لن نباعد إن وضعنا أنفسنا في مكان سامعي

<<  <  ج: ص:  >  >>