للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاعر على زمانه وتوقعنا من مطلع كلامه أنه يتحدث عن علاقة أدركها الوهي وما زالت معالمها وآثارها ظاهرة.

ومعلقة زهير أولها:

أمن أم أوفي دمنة لم تكلم ... بحومانة الدراج فالمتثلم

هنا بدأ الشاعر بسؤال عن دمنة. والدمنة مكان الأزبال ويكنى بها عن الضغينة، وغرض الشاعر حديث عن أضغان يراد دفنهن بإصلاح ذات البين وفي القوم من عسى ألا يريد ذلك ... طريقة السؤال وما يتبعه من تأكيد الشك وتطويل المدة وتبدل المعالم:

ودار لها بالرقمتين كأنها ... مراجيع وشم في نواشر معصم

الوشم ههنا ليس بقية من العمل الأول كما في مطلع طرفة ولكنه عودة فيه بعد خفائه وإمحائه، وليس الوشم على ظاهر اليد ولكن على نواشر المعصم، ونواشر المعصم من ظواهر اليد، ولكن ظهور العروق مع المعصم في ذكرهن هنا نوع من تبعيد.

بها العين والآرام يمشين خلفة ... وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

امرؤ القيس لم ير إلا بعر الآرام وهو أثر يدل على خبر. أما طرفة فقد رأى المحبوبة ترحل ورأى حدوجها كالسفينة يجور بها الملاح ويهتدي وهي تشق عباب الماء وظبيته ليست وحشًا صار بديلًا من الأحباب كما عند زهير ولا آثار وحش كما عند امرئ القيس، ولكنها كائن حي نشط:

وفي الحي أحوى ينفض المردشادن ... مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد

هذا أشبه بشبابه ومعانيه. ولكن البطء وثقل الحركة أشبه بمعاني زهير التي كان إليها يقصد.

وقفت بها من بعد عشرين حجة ... فلأيًا عرفت الدار بعد توهم

<<  <  ج: ص:  >  >>