وقد زعموا أن حرب داحس والغبراء استمرت أربعين سنة فالعشرين ههنا تنبئ عن شيء من ذلك. وما أشبه أن تكون قد استمرت عشرين سنة لأنه شبها قيس بن زهير وتم الصلح بعد منفاه.
وأول معلقة عنترة قوله:
هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي ... وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
فعلم من تساؤله أول ما بدأ أنه يريد أن يقول شعرًا يجلي به عن نفسه، ثم أتبع ذلك أنه سيتحدث عن الطلل جريًّا على عادة الشعراء وليكن الطلل لعبلة وهي محبوبة وهمية أهلها من الأعداء الذين سيقتلهم لينالها ... وأبت الأساطير إلا أن تجعلها ابنة عمه، أو هي من قومه وأبى مذهب اتباعه عادة الشعراء إلا أن تكون من العدو. وقد جلي عنترة عن نفسه في هذه الميمية. وهي الرابعة في ترتيب ابن الأنباري للسبعة الطوال. وقال عمرو بن كلثوم في أول طويلته:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا
وقد ذكرنا مذهب العرب في الشراب إذ نالوا الثأر، قال امرؤ القيس حين ظن أنه أدرك ثأره من بني أسد.
فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثمًا من الله ولا واغل
وقد سبق التنبيه إلى أن نونية عمرو تنبئ عن نشوة انتصار وهذا تستفاد دلالته من روح المطلع.