للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تكن أسماء محبوبة، فهل المحبوبة يمل ثواؤها؟ ولكنما كني الحارث عن حال قومه وحال إخوانهم من بني تغلب، إن أرادوا الصلح فذلك المراد وإن أبوا إلا الشنآن والفراق، فعلى آثارهم العفاء.

أجمعوا أمرهم بليل فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

ومن مناد ومن مجيب ومن تصـ ... ـهال خيلٍ خلال ذاك رغاء

أيها الناطق المرقش عنا ... عند عمرو وهل لذاك بقاء

لا تخلنا على غراتك إنا ... قبل ما قد وشى بنا الأعداء

فبقينا على الشناءة تنميـ ... ـنا حصون وعزة قسعاء

وإلى قول الحارث «رب ثاوٍ يمل منه الثواء»، نظر كثير، فجعل عزة هي التي تمل وهذا أشبه بكلام العشاق، ولم يرد الحارث معنى ما يريده العشاق وقول كثير هو:

نريد الثواء عندها وإخالها ... إذا ما أطلنا عندها المكث ملت

وبنحو هذا قد يستدل من يطعن في صدق صبابة كثير، لما فيه من المنافاة الخفية لمذهب الصبابة العذرية.

وقال لبيد، وأحسب أن رواية ابن الأنباري جعلتها سابعة الطوال لأن لبيدًا كان من المخضرمين، وهي على جودتها وشدة أسرها تمثل طورًا تاليًّا لأطوار الضرب الأول من قصائد الجاهلية، وهذا باب سنعرض له في بعض ما يلي إن شاء الله تعالى.

عفت الديار محلها فمقامها ... بمني تأبد غولها فرجامها

فمدافع الريان عرى رسمها ... خلقًا كما ضمن الوحي سلامها

دمن تجرم بعد عهد أنيسها ... حجج خلون حلالها وحرامها

رزقت مرابيع النجوم وصابها ... ودق الرواعد جودها فرهامها

<<  <  ج: ص:  >  >>