أرحلت من سلمى بغير متاع ... قبل العطاس ورعتها بوداع
من غير مقلية وإن حبالها ... ليست بأرمام ولا أقطاع
فهو الراحل كما ترى، والعلاقة بينه وبين سلمى لم تزل على عهدها واشجة، وفي السؤال كالمؤاخذة لنفسه ... فدل من أول كلامه أن غرضه الجد، لأن جد المطالب وحده هو الذي يحمل على مفارقة الأحياء، وقد يكون من أسباب الرحيل الفزع، ولكن قول الشاعر:
أرحلت من سلمى بغير متاع
دل على أن رحيله كان إراديًّا من جانبه وأسر أمره من سلماه فهذا قوله:
«بغير متاع» ويجوز أن تكون زوجته، ولكنه قد عاد فجعلها محبوبة يكنى بها عن الرفه والراحة واللهو الذي نقيضه ما هم به من الجد:
إذ تستبيك بأصلتي ناعم ... قامت لتفتنه بغير قناع
فرأيت أن الحكم مجتنب الصبا ... وصحوت بعد تشوق ورواع
فتسل حاجتها إذا هي أعرضت ... بخميصة سرح اليدين وساع
ويدلك أن الرحيل والجد مما يقترنان قول الراعي:
ما باك دفك بالفراش مذيلا ... أقذىً بعينك أم أردت رحيلا
وقال بشامة بن الغدير في أول لاميته وهي عاشرة المفضليات: