كان كذبًا، وكان إلى زمانه أقرب وبه أعرف وهو الذي قطع بالذي قدمنا من عصبية أبي نواس لليمن واستشهد ببائيته التي أولها.
لست لدارٍ عفت وغيرها ... ضربان من قطرها وحاصبها
وذكر منها جملة أبيات وأورد تفسيرها الذي قرأه هو على أبي العباس المبرد. هذا ويمكن أن يوجه قول أبي نواس إلى أنه أرا به التعريض ببعض معاصريه أو إلى أنه ذهب به إلى مجرد الطعن في البداوة والأعراب كعادة ساكنة المدر من العرب في جاهليتهم وإسلامهم. وقد ارتجز الحجاح على منبر الكوفة وتمثل بقول القائل:
قد لفها الليل بعصلبي ... أروع خراجٍ من الدوي
مهاجر ليس بأعرابي
ولم يكن أبي نواس أول ولا آخر من تضجر بمقدمة الطلل وما هو بمجراها في المطالع، فامرؤ القيس هو شيخ الأوائل وسابقهم قد روى له قوله:
عوجا على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حزام
وابن حزام هذا أحسبه هو عروة صاحب عفراء من قدماء العشاق في الدهر الأول ثم تكرار اسم العاشق والمعشوقة في أزمان جاءت من بعد، وكان مثلًا للعشق كما كان المرقش مثلًا للعشق وكما صار قيس وليلى من بعد مثلًا للعشق وقد كان في الجاهلية مرقشان، فلا تستبعد أن يكون عروتان وعفراوان وأكثر. قال جرير في ذكر المرقش:
قلبي حياتي بالحسان مكلف ... ويحبهن صداي في الأصداء
إني وجدت بهن وجد مرقش ... ما بعض حاجتهن غير عناء
وقال فذكر عروة وعفراء، في كلمة مدح بها العباس بن الوليد بن عبد الملك،