القرآن. فجعل ليلاه من الحور العين كما ترى. وإنما سقنا هذا الشاهد لسببين، أولهما ملابسته للمطلع إذ قوله معاذ الإله إلخ بعد بيت المطلع مباشرة فكأنه منه فجرى فيه على قريب من مذهب عنترة العبسي، وثانيهما أنه يأخذ على الشعراء ذكرهم الدمية والظبية والربرب، وليس ذلك من شعوبيته فهو عربي قح (حجية بن المضرب). ولو سقط هذا البيت لأبي نواس لبنى عليه بعض من يأخذ بالتحامل على العرب بناء.
وقد مر بك قول الكميت:
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ... ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب
فأنكر الغزل في المطلع ثم أنكر ضروبًا مما يفتتح به الشعراء من طير وظباء وديار قال:
ولم تلهني دار ولا رسم منزل ... ولم يتطربني بنان مخضب
ولا أنا ممن تزجر الطير همه ... أصاح غراب أم تعرض ثعلب
ولا السانحات البارحات عشية ... أمر سليم القرن أم مر أعضب
الأعضب المكسور القرن وكان أهل العيافة يتشاءمون به.
ولكن إلى أهل الفضائل والنهى ... وخير بني حواء والخير يطلب
وقال أبو الطيب، فنظر إلى قول الكميت هذا، وكلاهما عربي عن الشعوبية بعيد حق بعيد:
إذا كان مدح فالنسب المقدم ... أكل فصيح قال شعرًا متيم
لحب ابن عبد الله أولى فإنه ... به يبدأ الذكر الجميل ويختم
وقد كان أبو الطيب مع تبرمه ههنا بالنسيب في المبدأ ممن يجيد مطالع النسيب وبداياته الغزلية وعد أبو منصور في يتيمة الدهر تشبيه بالبدويات من محاسنه فتأمل.