للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو نواس ممن مهد لأبي تمام مذهب الافتنان في اتباع طريقة القدماء في المطالع والتفريع عنها، وهو القائل:

ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس

مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان جنيٌّ ويابس

فهذا كوقفة من يقف على آثار الدار يتبين معالمها كقول زهير:

وقفت بهات من بعد عشرين حجة ... فلأيًّا عرفت الدار بعد توهم

أثافي سفعًا في معرس مرجل ... ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم

وقد وقف أبو نواس كوقوف القدماء على الربع عند قوله:

حبست بها صحبي فجددت عهدهم ... وإني على أمثال تلك لحابس

وقوله:

وخيمة ناطور برأس منيفة ... تهم يدا من رامها بزليل

حططنا بها الأثقال فل هجيرةٍ ... عبورية تذكى بغير فتيل

وهي مما كان يرويه الأصمعي ويحفظه لمكانه من سلامة اللغة وفصاحتها، كما يدل على بعض ما ذكر من خبره في طبقات ابن المعتز. أبو نواس ينظر في هذه الكلمة إلى وصف الشعراء خيمة الربيئة الذي يصعد قمة تل أو ربوة أو صخرة ليراقب منها الأعداء. وكانت هذه الخيمة يقال لها النعامة وكانت من أعواد ثلاثة عليها خرقة يستظل بها الربيئة وقد لقي من قبل جهدًا في الصعود إليها، وكانوا مما يفتخرون بذلك، قال امرؤ القيس:

ومرقبة كالزج أشرف فوقها ... أقلب طرفي في فضاء عريض

وقد رد القرآن على صناديد أهل الكفر فخرهم بالمربأة وصعودها وطربهم لفخر

<<  <  ج: ص:  >  >>