وهذا مطلع جارى فيه، كما لا يخفى، مطلع الأسود بن يعفر:
نام الخليس ما أحس رقادي ... والهم محتضر لدي وسادي
ومن مطالعه يتعصب لليمن جدًّا أو هزلًا ويذكر ديارهم ويعير تميمها أكل الضب:
ألا حي أطلالًا بسيحان فالعذب ... الى برعٍ فالبئر بئر أبي زعب
تمر بها عفر الظباء كأنها ... أخاريد من روم يقسمن في نهب
وقال في مطلع خمرية طللي على تماجنه بذلك:
عفا المصلي وأقوت الكثب ... منى فالمربدان فاللبب
والمسجد الجامع المروءة والديـ ... ـن عفا فالصحان فالرحب
منازل قد عمرتها يفعا ... حتى بدا في عذارى الشهب
يعني الشيب- وقد حاكى أبو نواس في ذكر المصلي طريحًا الثقفي من شعراء بني أمية ذكر المسجد في معرض ذكر الطلل فزعم صاحب الأغاني أن أبا جعفر المنصور سأل هل ذكر المسجد أحد قبله في صفات الطلول، فهذا الخبر مما يدلنا على سذاجة من يقولون بأن القدماء كانوا في نقدهم سذجًا أم ليت شعري هل نظر أبو جعفر في نقد اليونان لصفة الطلول إذ هو ممن يذكرون أنه أول أو من أوائل من أمروا بترجمة علوم يونان؟ ثم يقول أبو نواس:
في فتية كالسيوف هزهم ... شرخ شباب وزانهم أدب
ثمت راب الزمان فاقتسموا ... أيدي سبا في البلاد فانشعبوا
قوله «في فتيه كالسيوف» ينظر إلى نحو قول الأعشى:
في فتيه كسيوف الهند قد علموا ... أن هالكٌ كل من يحفى وينتعل
وفيه ما ترى من زيادة عند قوله «هزهم شرخ شباب» وهي عبارة رشيقة جمع