في هذين البيتين جدل حاد وانتصار لمذهب أهل السنة لعل أبا نواس صدر فيه عن عقيدة صادقة لا عن الرغبة في الاستخفاف بالعاذل وحدها ثم التظرف بذكر انتظاره عفو الله وغفرانه ورحمته التي وسعت كل شيء. وقيل إن النواسي أراد بقوله «فقل لمن يدعي في العلم فلسفة» إبراهيم النظام، وكان شيخ المعتزلة وكبير متكلميهم وكانت للمعتزلة صولة فكر في الصدر الأول من خلافة بني العباس. وكان عمرو بن عبيد كريمًا عند أبي جعفر. وكان أبو معاذ من شيعة واصل بن عطاء حينًا من الدهر ثم فارقه وهجاه وقال:
مالي أشايع غزالًا له عنق ... كنقنق الدو إن ولي وإن مثلا
عنق الزرافة ما بالي وبالكمو ... تكفرون رجالا كفروا رجلا
نقنق الدو لنونين مكسورتين أي النعامة والدو والصحراء والنعامة طويلة العنق الذكر والأنثى وأكثر ما يطلق النقنق على الذكر وهم الظليم إن ولي وإن مثلًا أي مقبلًا ومدبرًا ثم قال عنق الزرافة وكأن بشارًا إنما سمع بطول عنقه وطول عنق النقنق والزرافة فذكر ذلك على السماع إذ كان رجلًا ضريرًا ولعل مقتل بشار كان -والله أعلم- بكيد من المعتزلة فقد نسب إلى واصل فيه ما هو كالتحريض عليه. هذا وقد صاحبت صولة الفكر المعتزلية صولة من سلطان باطش أيام المأمون والمعتصم والواثق وقع بها مخالفوهم من أهل السنة في محنة عظيمة. فهذان البيتان من أبي نواس في إنكار مقالة المعتزلة بالوعد والوعيد يدلان على جرأة منه عظيمة في مجال الكلام والفكر المذهبي. وقد كانت نهاية حياته بعد مقتل الأمين غامضة. روى ابن المعتز في أخباره عنه في طبقاته قال:«واسمه الحسن بن هانئ ويكنى أبا علي، ولد بالأهواز بالقرب من الجبل المقطوع المعروف براهبان سنة تسع وثلاثين ومائة ومات ببغداد سنة خمس وتسعين ومائة وكان عمره خمسًا وخمسين سنة ودفن في مقابر الشونيزي في تل اليهود ومات في بيت خمارة كان يألفها» أ. هـ. قلت ههنا موضع الغموض، فهل أصاب