قالوا الطراد فقلنا تلك عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نزل
قد نخضب الغير في مكنون فائله ... وقد يشيط على أرماحنا البطل
أراد أنهم يجيدون الرمي والعير الحمار الوحشي والفائل عرقٌ إصابته مقتل. وهذان البيتان آخر قصيدته:
ودع هريرة إن المركب مرتحل ... وهل تطيق وداعًا أيها الرجل
وهما مقطع حسن ولم يخل الأعشى من نظر فيهما إلى أبيات عنترة في ابني ضمضم ويشبههما في باب الاختتام بالفخر آخر رائية ثعلبة بن صعير المفضلية التي أولها:
هل عند عمرة من بتات مسافر ... ذي حاجةٍ متروح أو باكر
والبتات هنا واضحة الدلالة على معنى الزاد وفسرها ابن الأنباري بالمتاع والجهاز قال:«يقال تبتت الرجل لسفره إذا اشترى له ما يصلحه».
قال في آخرها ودلالة ذلك على الانتهاء واضحة:
ولرب خصمٍ جاهدين ذوي شذًا ... تقذي صدورهم بهتر هاتر
لدٍّ ظأرتهم على ما ساءهم ... وخسأت باطلهم بحق ظاهر
بمقالةٍ من حازمٍ ذي مرةٍ ... يدأ العدو زئيره للزائر
يدأ بالياء المهملة أي يدع صارت عينه همزة وقال التبريزي:«وذكر ابن الأنباري يدأ بالدال غير معجمة وقال يدأ بمعنى يدع تبدل العين همزة وهما لغتان وذأته وودأته» أ. هـ. وأجمل التبريذي بعبارته الأخيرة ثلاثة أقوال كان أجود لو فصلها وكلهن ذكره ابن الأنباري وعمود الرواية عن المفضل يدأ بالدال المهملة ومعناها يدع وفسرها أحمد بن عبيد بن ناصح بمعنى يقمع ويذأ بالذال المعجمة الرواية التي رجحها ثعلب ومعناها يقمع.