للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يصلح أن يختم به ويوقف في النهاية عنده، ولكن فيه نوعًا من شكٍ وتشاؤم ألا يستمر الصلح وألا يكون عقد ما أحكمه السيدان مأمونًا عليه أن تحله خيانة أو غدر من ضرب ما صنعه حصين بن ضمضم.

وفي رواية الزوزني بعد هذين البيتين:

وكائن ترى من صامتٍ لك معجبٍ ... زيادته أو نقصه في التكلم

لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

وأن سفاه الشيخ لا حلم بعده ... وإن الفتى بعد السفاهة يحلم

سألنا فأعطيتم وعدنا فعدتم ... ومن يكثر التسآل يومًا سيحرم

وفي سياق هذه الأبيات ما يشعر بقوة انتمائها إلى القصيدة وأنها نهايتها، وقد مدح زهيرٌ هرمًا بالفصاحة والبيان وقوة الحجة وأنه خطيب في قوله من القافية التي ذكرنا قبل مطلعها ومقطعها:

هذا وليس كمن يعيا بخطته ... وسط الندى إذا ما ناطقٌ نطقا

والبيتان: «وكائن ترى من صامت لك معجب» وقوله: «لسان الفتى نصف ونصف فواده» يصفان مشهدي عي وبيانٍ مما يكون مثله قد كان في مجلس الخصومة والصلح بين عبس وذيبان ومن كان ثم من قبائل العرب ورجالاتها. وبيت سفاه الشيخ وجواز رجعة الفتى إلى الصواب بعد السفاهة يناسب أمر حصين بن ضمضم ومما يشهد بسفاهة حصين بن ضمضم قول عنترة في آخر معلقته الذي ذكرناه قبيل بعد بيتي المثقب اللذين في آخر نونيته. ولا يخفى أن في كلام زهير حيث ذكر سفاه الشيخ تعريضًا ما بشيخ ذي سفاهة أو شيوخ من سفهاء القوم أعانوا حصينًا أو شيئًا من هذا النحو يدلك على ذلك قوله:

وقال سأقضي حاجتي ثم أتقي ... عدوي بألفٍ من ورائي ملجم

<<  <  ج: ص:  >  >>